• من أَقوال الشَّهِيد الجلالي: علينا التَّمسكُ بِالتَّكليف الشَّرْعِيّ, وَأَمَّا النَّتِيجَةُ فموكولة إِلَى اللّه تَعَالَى.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: رَقَبتَي فِدَاءٌ لَديني وَمَذْهَبِي وَعَقِيدَتي.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: يَجِبُ الحِفَاظ عَلَى مظاهِرِ الدِّينِ, فَلَا يَنْبَغِي التَّجَاهُرُ بِالأَكْلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَتَّى لَذَوِي الأَعْذَار.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: لَا يَنْبَغِي التَّهَاوُنُ وَالتَّنَازُلُ عَنْ العَقِيدَةِ فِيمَا أَصْبَحَ شِعَارًا لِلمَذْهَبِ, فلاتحذفوا (العليّ) مِنْ صَدَقَ الله العَلِيُّ العَظِيمُ.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: لَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ العَمَل صَالِحًا مَا لَمْ تَكُن النِّيَّةُ صَالِحَةَ, فَمَنْ صَلحت نِيَّتَهُ صَلح عَمَله.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: الإِيمَانُ بِاللهِ وَالوَلَاءُ للعترة هو السراطُ المُسْتَقِيم.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: طَلَب العِلْمِ كَمَال ٌفِي الدُّنْيَا والدّين.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مؤمن ان يَعْمَل بِوَاجِبِهِ الشَّرْعِيِّ إِزَاءَ خَالِقِهِ تَعَالَى وَإِزَاءَ دِينِهِ وَعَقِيدته فلاينبغي التَّقْصِيرُ إِذَا قَصر الآخَرون وَلَا يَنْبَغِي القُعُودُ إِذَا قَعَدَ الآخَرُون.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: تمسّكوا بِعُلَمَاءِ الدِّينِ فإنّهُمْ حُمَاةُ الشَّرِيعَةِ وَحُرَّاسُ العَقِيدَةِ.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: رَجُلُ الدِّينِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ نَفْسَهُ لِلهِ تَعَالَى وَلَكِن بِصُورَةِ البَائِعِ المُتَجَوِّلِ, يَكُون فِي المَكَانِ الَّذِي تُمس الحَاجة إِلَيْه.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: اَللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا الشَّهَادَة فِي سَبِيلِ إِعْلَاءِ كَلِمَتِكِ لِنَسْقِي مِنْ كَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلّي الله عليه و آله و سلّم شُرْبَةً لانضمأ بَعْدَهَا أَبَدا.
  • مِنْ أَقْوَالِ الشَّهِيدِ الجلالي: كُلُّ مُعَامَلَةٍ قَابِلَةٌ لِلرِّبْحِ وَالخَسَارَةِ الّا المُعَامَلَة مَعَ اللّه تَعَالَي فانّها تِجَارَةٌ لَنْ تَبُور.

من الاعتقال إلى الشهادة

* في مديرية أمن النجف الأشرف
* مداهمة دار الشهيد
* تشديد الرقابة
* الاعتقال الأخير
* صموده في المعتقل
* طريق الشهادة
* تسليم الجسد الطاهر
* دفن الجسد الطاهر

 

تشديد الرقابة الأمنية

في شهر شوال سنة ١٤٠١ هـ ١٩٨٠ م بدأ النظام العراقي يضيّق الخناق على الشهيد(قدس سره) وكانت قد قطعت العلاقة بينه وبين محافظ بابل والمسؤولين، وعلى أثرها وضع الشهيد(قدس سره) قيد المراقبة العلنية، ورصد تحركاته بمرأى وبمسمع أبناء القاسم(عليه السلام) فكانت المراقبة واستنفار قوى الأمن حول بناية المدرسة الدينية في القاسم(عليه السلام) والصحن الشريف على أشدّها، وقد توزّعت قوّات الأمن حولهما بالصورة التالية:
١- سيّارة سوپر تحمل رقم – بغداد – تاكسي، تقف عند مدخل الصحن الشريف من باب الإمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) من الجهة الشرقية للصحن.
٢- سيّارة كرونة بيضاء اللون مقابل المدرسة الدينية فيها شرطي الأمن كامل العويدي.
٣- سيّارة كرونة بيضاء اللون فيها شرطي أمنيدعى مرزه، تقف عند مددخل باب الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) شمال الصحن الشريف، وهذه الباب تشرف على الصحن والداخل والخارج من و إلى المدرسة الدينية.
٤- سيّارة لاندكروز تابعة لجهاز أمن القاسم(عليه السلام) يتناوب على المراقبة فيها بقيّة شرطة الأمن، وتقف على الجانب الثاني للمدرسة الدينية مقابل دائرة البريد، وهي كذلك تشرف على المدرسة الدينية والصحن في آن واحد.
٥- سيّارة نقيب الأمن المجرم شهاب الجنابي وهو ضابط أمن ناحية القاسم(عليه السلام) حينذاك، وكان يجوب المنطقة بين الشارع العام أمام الصحن الشريف والمدرسة الدينية.

وعندما يخرج الشهيد(قدس سره) من المدرسة الدينية لأداء صلاة الجماعة في الصحن الشريف، فإنّ رجال الأمن العلنيين يقومون بمراقبته، مضافاً إلى من يكلفون بمهمة استخباراتية لمراقبة المنطقة عموماً، والشهيد(قدس سره)بصورة خاصة، ويختلفون إلى ناحية القاسم(عليه السلام) على هيئات وأشكال مختلفة باتت مكشوفة ومعروفة لدى العراقيين، فمنهم من يأتي على شكل متسول أو صباغ أحذية، أو بصفة مريض يلازم الضريح المشرف.
ويقوم نقيب الأمن شهاب بالمراقبة الشخصية، فيقف مقابل الشهيد(قدس سره)في صلاة الجماعة على بعد بضعة امتار، من باب التحدّي، وهو معروف بقسوته وبطشه وإجرامه وقد نقل لي أحد المؤمنين وقد نجا من بين مجموعة من المعتقلين أن المجرم شهاب كان يتولى التحقيق والتعذيب لشباب الانتفاضة الشعبانية المباركة في الرضوانية.

ولنعد إلى ما كان عليه الوضع في ناحية القاسم(عليه السلام) فإن النساء الداخلات والخارجات من وإلى المدرسة الدينية يخضعن للمراقبة الشديدة والمتابعة إلى بيوتهن والتحقيق مع بعضهنّ.

وقد عاشت ناحية القاسم(عليه السلام) تلك الفترة الشاقّة والحرجة المليئة بالرعب والإرهاب من قبل أزلام النظام من رجال الأمن.

وقد بلغ الرعب ذروته، وبدا ذلك واضحاً في موارد كثيرة منها ما حدث لي إذ كنت بحاجة ملحة إلى نقل زوجتي إلى مستشفى الحلة الجمهوري لسوء وضعها الصحي، فذهبت إلى موقف السيّارات في الشارع العام لاستئجار سيّارة لنقل زوجتي، فلم يخرج معي أحدٌ خوفاً من الرقابة الأمنية.

وأخيراً استجاب أحد جيراننا، وذهبنا بسيارته المرسيدس ذات (١٨) راكباً، وعلى أثر ذلك تابعنا شرطي الأمن كامل العويدي إلى أن وصلنا إلى مستشفى الحلة الجمهوري، وتحقق من استعلامات المستشفى، إذ قال لي موظّف الاستعلامات: إنّ شخصاً سألني عن الإطّلاع على المرضى الذين راجعوا المستشفى وأكّد على اسمك.

ونواصل حديثنا السابق عن الوضع السائد في القاسم(عليه السلام) حيث تنبّهت أجهزة النظام إلى مكانة الشهيد(قدس سره) الاجتماعية والعلميّة بسبب نشاطاته المستمرة، وخدماته العلميّة الجليلة، مضافاً إلى ملازمته الوثيقة لمراجع عصره، واعتمادهم الكبير عليه حتى في الشؤون الخاصة.
لذلك شدّدت الرقابة عليه(قدس سره) وقد استمرّ الوضع على هذه الحالة حتى اندلاع الحرب التي شنها النظام الجائر على الجمهورية الإسلامية.
وفي هذه الفترة الحسّاسة أصبح الشهيد(قدس سره) يشعر بمسؤولية ضخمة ملقاة على عاتقه وعاتق جميع رجال العلم، والدين، من وجوب توعية الأمة وبيان حقيقة الحرب، وما يكمن وراءها من أهداف مشؤمة يتوخاها أعداء الإسلام، وكشف ماهيّة النظام البعثي الفاسد.

فبالرغم من الظروف الأمنية الصعبة التي أحاطت به تراه(قدس سره) مهتماً بعوائل الشهداء والمعتقلين والمشردين، كلّ ذلك أثار استياء وحقد السلطة الجائرة عليه، وجعل النظام البعثي يشعر بأن الشهيد(قدس سره) يسبّب خطراً مباشراً وتهديداً كبيراً على مصالحه وأهدافه.

على أثر ذلك بدأت أجهزة النظام تضايق الشهيد(قدس سره) إذ سلّطوا عليه العيون قريبة، وأخذوا يداهمون بيته للتفتيش تحت ذرائع واهية كماسبق.
وقد اُستدعي إلى مديرية الأمن عدّة مرّات، حيث هدّدوه وتوعّدوه شرّاً، ووضعت داره في النجف الأشرف تحت المراقبة العلنية، كما هو الحال بالنسبة إلى محلّ إقامته في ناحية القاسم(عليه السلام) وفي تلك الظروف تلقى التهديدات متزامنة مع تكثيف رجال الأمن ومضايقته ورصد تحركاته(قدس سره). إلا أنّ ذلك لم يثنِ عزم الشهيد(قدس سره) بل مضى قدماً في جهاده الذي أقضّ مضاجعهم.

دار الحديث مع الشهيد(قدس سره) عن مجريات الأمور وأخذ الحيطة والحذر بعد أن أبلغني أحد الأشخاص ممن كان يدّعي قيادة تنظيم إسلامي، بأنه سيدبّر محاولة اغتيال للشهيد(قدس سره) وكلّفني بنقل هذا التهديد إلى الشهيد(قدس سره)وكنت حينها لاأصدّق ما أسمع، اذ احتملت أن يكون ذلك مجرّد كلام فارغ من شخص متطفّل.

وأخيراً تبيّن أن ذلك الشخص غَرّر بأحد المؤمنين وأوكل إليه هذه المهمّة الجبانة، والرجل الذي أوكلت إليه المهمّة يقضي حالياً حكماً في سجن أبي غريب في بغداد، حيث خدعوه وأقنعوه بأن الشهيد(قدس سره) من أعوان السلطة وعلماء السوء الذين يتقرّب بدمهم إلى الله تعالى.

وعلمت من أحد المعتقلين الذي اُفرج عنه من السجن المذكور، أن ذلك الشخص الذي أُوكلت إليه مهمّة الاغتيال ندم ندماً شديداً، بعد أن تبيّن له خداع من تزّيَوا بلباس الدين، وبعد أن عرف من خلال العلماء المعتقلين معه في السجن، أن الشهيد(قدس سره) من العلماء العاملين المخلصين لعقيدته ودينه، وشكر الله تعالى على أنه تمّ اعتقاله وإلا لكان قد خسر الدنيا والآخرة.

وبعد أن سمع الشهيد(قدس سره) هذا التهديد ضحك وقال: إنهم يريدون منّي أن أترك العمل بتكليفي الشرعي، وأترك المنطقة، وهذا ما لاأفعله ولو كلّفني ذلك دفع الثمن غالياً، وإني لأنتظر الشهادة على يد هؤلاء الطغاة لما فيها من مضاعفة الأجر ورضوان الله تعالى.

 

 

 

إحضار الشهيد إلىمديرية أمن النجف الأشرف

بدأ النظام العراقي الجائر يراقب بحذر الساحة العراقية عامة، ورجال الدين والمتدينين بصورة خاصة، بعد إعدام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر(قدس سره) وشقيقته المظلومة الشهيدة العلوية بنت الهدى(رحمه الله). وازدادت المراقبة بعد شروع الحرب العراقية الإيرانية.

كان الشهيد الجلالي(قدس سره) مستمرّاً في نشاطه الفكري ومنهاجه في التأليف، إذ كان يقوم بطبع كتبه في مطبعة النعمان في النجف الاشرف، وكنت أحضر لدى الشهيد(قدس سره)يومي الأحد والأربعاء، وأصحبه إلى المطبعة لجلب الأوراق المطبوعة بعد التصحيح الأوّل من كتب الإمام الخوئي(قدس سره) – معجم رجال الحديث – وتكملة منهاج الصالحين.

وكذلك مطبوعات الشهيد(قدس سره) فأقوم بتصحيحها في ناحية القاسم(عليه السلام)وأعود بها إلى النجف الأشرف، وقسم أنتظر بها ليوم الخميس حيث يكون الشهيد(قدس سره)في ناحية القاسم(عليه السلام).

واتّفق في أحد أيّام الاثنين أن جاء رجل من عامة الناس وسأل الشهيد(قدس سره) في المطبعة وأمام أحد العاملين فيها قائلاً: هل أن من يُقتل في الحرب من الجنود العراقيين يعتبر شهيداً؟.
فردّ الشهيد(قدس سره) عليه: لا يا عمّ إنّ للشهادة اعتبارات خاصة وموازين شرعية. فقال الرجل: ببساطته: إنّ الحكومة تقول إنهم شهداء.
وهنا أجابه الشهيد(قدس سره) بجرأة وعدم تسامح في الحكم الشرعي: إن الشهادة لا تقررها الحكومة.

وكان هذا الحديث يوم الاثنين، وفي يوم الجمعة من نفس الأسبوع، جاء إلى ناحية القاسم(عليه السلام) مدير أمن النجف الأشرف ومدير الأوقاف، وبعد أن تظاهرا بالزيارة لمرقد القاسم(عليه السلام) توجّها إلى مدرسة القاسم(عليه السلام)الدينية لعلمهم بأنّ الشهيد(قدس سره) يغادر ناحية القاسم(عليه السلام) مساء الجمعة.

وبعد أن انتهى الشهيد(قدس سره) من إلقاء درسه، دخلا مدير الأمن والأوقاف غرفة الاستقبالفرحّب الشهيد(قدس سره) بهما، ولكنه(قدس سره) استغرب هذه الزيارة وتوقّع أنّ وراءها مآرب غير سليمة، فتوجّه إلى داخل الدار الملاصقة لغرفة درسه، وناداني فسألني: هل جاءآ بسيّارة واحدة؟
فقلت: لا جاء كلّ واحد بسيارة. فقال الشهيد(قدس سره): إنّ الأمر غير طبيعي، فإذا أفردوني في سيّارة وحدي، ونقلوا ولدي عليّ الهادي في سيارة أخرى فاعرف بأنّ في الأمر سرّاً.

وأوصاني الشهيد(قدس سره) بوصاياه من الحقوق الشرعية الموجودة لديه في ناحية القاسم(عليه السلام) وديونه الخاصة، وأعلمني بدفاتر الحقوق، وأوصاني بمراجعة الإمام الخوئي(قدس سره) بعد الساعة الثامنة ليلاً إذا لم أجده(قدس سره) في بيته في النجف الأشرف، على أن لا أتّصل من هاتف مدرسة القاسم(عليه السلام)الدينية وأبلغ الإمام(قدس سره) بالخبر.

وبعد الساعة الثامنة مساءاً اتصلت بدار الشهيد(قدس سره) فردّ(قدس سره) عليّ التلفون، ولكنه لم يكن طبيعياً، وكعادتي ذهبت إلى النجف الأشرف يوم الأحد لزيارته، فقال: اصطحبني مدير أمن ومدير أوقاف النجف الأشرف في سيّارتهم إلى دائرة أمن النجف وأوصلوا عليّ الهادي إلى الدار. وسألني مدير الأمن عن جوابي على سؤال الرجل الذي كان قد سألني في مطبعة النعمان، عمّن يقتل في الحرب العراقية الإيرانية من الجنود العراقيين بأنهم شهداء؟ وجوابي بأنهم لم يكونوا شهداء، وهنا أمسك مدير الأوقاف بذقني، وبدأ مدير الأمن بضربي عدّة مرّات على فكّي الأيمن، وثم انهالا عليَّ ضرباً وتفوّها بكلمات بذيئة، وهدّداني بالإعدام إذا ما أخبرت الإمام الخوئي بذلك.

اُعيد الشهيد(قدس سره) إلى داره في النجف الأشرف، وقد بقي أثر الضرب والاحمرار على وجه الشهيد(قدس سره) لما يقرب من أسبوعين، وكان يتكلّم ويتناول الطعام، بصعوبة بالغة.

 

 

مداهمة دار الشهيد(قدس سره)

 

تعرّض الشهيد(قدس سره) إلى عمليّات مداهمة لداره بذرائع مختلفة، وذلك من أجل تفتيش البيت من قبل رجال الأمن المسلحين.

منها: أنّه كان(قدس سره) عائداً مع عائلته من مدينة القاسم(عليه السلام) ولمّا دخلوا الدار في الحنانة، علموا بأنّ أحداً قد فتّش الدار وبالخصوص غرفة الشهيد(قدس سره)ومكتبته، حيث كانت الكتب مبعثرة على الأرض.

ومنها: أن رجال الأمن داهموا بيت الشهيد(قدس سره) بحجة أن سارقاً قد دخل الدار وقاموا بالبحث عنه، وقد تكرّرت هذه العملية عدّة مرات.

ومنها: أنّ رجال الأمن أرسلوا امرأةً ادّعت أنّها قرويّة وقد اتهمها أهلها بأنها ارتكبت أمراً يستوجب القتل، وهي الآن تخشى على نفسها، فاستجارت بالشهيد وطلبت منه أن يحميها من القتل.

فأجارها الشهيد(قدس سره) ريثما يتحرّى حقيقة أمرها، وبعد فترة من الزمن اتّضح أنها مرسلة من قبل المخابرات للتجسس على الشهيد(قدس سره).

 

 

الاعتقال الأخير

في صباح يوم الخميس من ذي القعدة عام ١٤٠١ هـ وعلى عادته، غادر الشهيد(قدس سره) النجف الأشرف بصحبة أحد تلامذته متجهاً نحو مدينة القاسم(عليه السلام) ليشرف عن قرب على وضع الحوزة العلميّة التي أسسها هناك والوضع الاجتماعي والديني.

ويحدّثنا أحد تلامذة الشهيد(قدس سره) الذي رافقه عند خروجه من داره في الحنانة في النجف الأشرف يقول: عند خروجنا متجهين إلى ناحية القاسم(عليه السلام) تابعتنا سيارة فيات إيطالي بيضاء اللون، وعند خروجنا حدود محافظة النجف الأشرف الإدارية ووصولنا مقابل مخازن الحبوب السايلو الواقعة بين قضاء الكوفة ومحافظة بابل، اعترضت تلك السيارة الفيات الإيطاليسيّارتنا وسدّت علينا الطريق وأوقفتنا، وأجبرونا أنا والشهيد(قدس سره) على النزول من السيارة.

واقتادونا بعد أن عصّبوا عيوننا، ولم نشعر إلا ونحن في مديرية الأمن العامة – بغداد.

أمّا الوضع في ناحية القاسم(عليه السلام) فقد كان متوتراً جدّاً وسيطرت أجواء الرعب على المدينة، حيث كثفت سيارات الأمن دورياتها، ووقف المجرم النقيب شهاب ضابط أمن القاسم(عليه السلام) مع جلاوزته من رجال الأمن مقابل المدرسة الدينية، والدوريات تجوب الشوارع في وسط المدينة.
وعندما تأخّر وصول الشهيد(قدس سره) في الوقت المعتاد خرجت من ناحية القاسم(عليه السلام) توجّهتُ إلى النجف الأشرف، وعلى طول الطريق بين محافظة بابل والنجف الأشرف بدأتُ أراقب الشارع العام وجانبي الطريق لاحتمال العثور على سيّارة الشهيد(قدس سره) حتى وصلت النجف الأشرف، ولكنني لم أجد أثراً للسيّارة، وعلى الفور ذهبت إلى دار الإمام الخوئي(قدس سره)ولم يكن فيها مع الإمام(قدس سره) غير نجله حجة الإسلام والمسلمين السيّد محمّد تقي(قدس سره) وبعد السلام على سماحة الإمام(قدس سره) بيّنت له الوضع والرقابة الأمنية الشديدة في ناحية القاسم(عليه السلام) وحول دار الشهيد(قدس سره) في النجف الأشرف لما يقرب من شهرين.

فردّ الإمام(قدس سره): إنّ الشهيد لم يخبره بذلك، وتدرّجت بذكر الأحداث وما تعرض له الشهيد(قدس سره) من إحضار واستجواب وضرب في مديرية أمن النجف وتهديد بالإعدام إن أخبر سماحتكم بهذا الاستدعاء، وأنه كان يشكو من ألم في الجهة اليمنى من فكّه لما يقرب من أسبوعين.
فتأثّر الإمام الخوئي كثيراً، وأمر نجله السيّد محمّد تقي(قدس سره)بالاتصال بمديرية أمن النجف، ولما لم يجد جواباً، اتصل بمديرية أمن بابل، فأنكروا ذلك، بل استغربوا لهذا الخبر.

بعدها اتصل السيّد محمّد تقي الخوئي(قدس سره) بمديرية الأمن العامة في بغداد، فأنكروا كعادتهم، واعتذروا بأنه ربّما كان السيّد الجلالي قد تعرّض لحادث اختطاف من عناصر هدفها إثارة البلبلة في الرأي العام، والإساءة إلى النظام بأنه وراء هذه العملية، وأظهروا تقديرهم واحترامهم للشهيد الجلالي(قدس سره) مضافاً إلى أنه الشخص المقرّب من الإمام الخوئي(قدس سره)ولا يمكن أن يتعرّضوا لأمثاله.

بعد ذلك وحيث لم أعرف مصير الشهيد(قدس سره) تحدّثت للامام الخوئي بأن السيّد الجلالي هُدّد من قبل مجموعة تردّت برداء الدعوة والعمل للدين، فازداد استغراب الإمام الخوئي(قدس سره) لذلك وقال: انه لم يسمع بهذا.

وبعد شهرين من الاعتقال أُطلق سراح الطالب الذي كان بصحبة الشهيد(قدس سره) فأخبرنا بأنّ السيّد الجلالي لم تثبت عليه إدانة.

وأضاف بأنه سيطلق سراح السيّد الجلالي بعد مدّة قليلة، حسبما أخبره ضابط أمن في مديرية الأمن العامة في بغداد، وأبلغنا بمواصلة الدراسة والحضور في مدرسة القاسم(عليه السلام) الدينية، وأن الأمور طبيعية لحين الإفراج عن السيّد الجلالي(قدس سره).

وبعد فترة وجيزة قام النظام بدبلجة كاسيت صوتي فيه اعترافات كاذبة اُخذت قسراً من بعض المعتقلين والاعترافات تدين الشهيد(قدس سره) وأخبروا الإمام الخوئي(قدس سره) بذلك، وأن الشهيد يترأّس تنظيماً محظوراً.

وللواقع أقول: إنّ الشهيد(قدس سره) لم يكن لديه أي ارتباط بغير المرجعية، وكان يرى أن العمل ضمن اُطر سياسية خاصة ربما يوقع الشباب في أمور لا تحمد عقباها في نفس الوقت كان يقول(قدس سره): إنّ العمل لإضعاف النظام واجب، بل ويحثّ على ذلك ويشجّع عليه، وربما حسب البعض ممّن لاعلم لهم بمجريات الأحداث أن هذا يعدّ تنظيماً، كما اتهموا الشهيد(قدس سره)بذلك ونسبوا إليه ما ليس بواقع، وقال البعض لي: إنّك لاتعلم بذلك، لانشغالك بأمور الشهيد(قدس سره) التي لاتمتّ للسياسة بصلة، ولكن هذا التصور خاطيء جدّاً، إذ كان(قدس سره) يطلعني على جميع ما يدور، وكان يطول المقام معه(قدس سره) في أغلب الأحيان إلى قريب الفجر.

وكان(قدس سره) شديد التكتّم على العمل الجهادي وأن لايظهر على الساحة وتكشف الأسرار وينتهي كلّ شيء، وللحقيقة وللتاريخ أقول: كان(قدس سره)يرسلني للتحدّث مع بعض الشباب المتحمسين للعمل الجهادي لأوصيهم بالحرص الشديد وعدم الظهور أمام الأضواء والتأكد من الأشخاص، وعدم الاطمئنان بهم إلاّ بعد الفحص عن حالهم وتحركاتهم، وكان(قدس سره) يقول: إنّ قطرة دم واحدة من شبابنا المؤمن لايعادلها ايّ ثمن سوى النصر، وقد يحسب البعض هذا التوجيه تثبيطاً للعزائم أو دعوة للابتعاد أو التشكيك في العمل ضدّ النظام، وهذا تابع لما يحمله البعض من فكر ضيق «وكلُّ إناء بالذي فيه ينضحُ».

 

 

طريق الشهادة

رغم جميع الإجرآت التي اتّخذها النظام الفاسد ضدّ السيّد الشهيد(قدس سره)فإنه بقي كالجبل الشامخ، فأصبح النظام يفكّر بالتخلّص منه، وقد شعر بذلك بعض المقربين للشهيد(قدس سره) فطلب منه مغادرة العراق، لكنه أجابه(قدس سره)بالرفض، قائلاً: إنّ الذي يعيّن المسير هو المسؤوليّة لاغير.

لقد آثر الشهيد(قدس سره) دار الكرامة على دار السلامة، مقتدياً بجدّه سيّد الشهداء أبي عبد الله الإمام الحسين(عليه السلام) الذي لم يُصغ للاقتراحات التي وجّهت اليه من قبل الناصحين والمتناصحين، بل مضى قدماً وهو(عليه السلام) يقول: «والله لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً».

 

 

صموده في المعتقل

للشهيد مواقف مشهودة مشرّفة في المعتقل، نقلها للتاريخ مجموعة ممن التقوا بالشهيد في سجون النظام وهم مجموعة من محافظات مختلفة تعرّفت عليهم في مخيمي الأرطاوية، ورفحاء، في السعودية بعد خروجنا من العراق أثر الانتفاضة الشعبانية المباركة.

فقد ذكر أحدهم وكان بجوار زنزانة الشهيد(قدس سره) في المعتقل التي يقابلها على الجانب الثاني الزنزانة التي اعتقل فيها الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيّد علاء الدين نجل الإمام الحكيم (قدس سرّهم) ذكر أنه لم تثبت أيّة قضيّة أو إدانة ضدّ الشهيد(قدس سره) وكان رجال الأمن يخرجون الشهيد(قدس سره) للتعذيب، ويعودون به بعد ساعة فاقد الوعي، ويردّد بعد إفاقته: دمى ورقبتي فداء لديني وعقيدتي. فإنه كان صلباً في مواقفه، ويؤكّد علينا ويوصينا بالصبر على التعذيب وعدم الانصياع لسياط وإرهاب الجلادين وتهديداتهم.

وقد تعرّض(قدس سره) لأنواع التعذيب وصنوفه وليس ذلك إلا أنهم كانوا يرون في وجوده خطراً عليهم، وأضاف أن المجرم مسلم هادي الجبوري رئيس محكمة الثورة وقتها، عند استدعاء الشهيد(قدس سره) في إحدى المرات خاطبه قائلاً: إنّ الخطأ الذي وقع فيه الحزب هو إبقاؤك حياً لحدّ الآن.

ويضيف الناقل: أن الشهيد(قدس سره) أخبرهم في إحدى ليالي الجمعة من شهر رمضان المبارك ١٤٠٢ هـ أنّ الفرج يوم غد: فبتنا ليلتنا على أحرّ من الجمر للإفراج عن الشهيد(قدس سره) وظهر في اليوم الثاني أنهم أحضروا معتقلاً ممن كانوا مع الشهيد(قدس سره) وأجبروه على اتهام الشهيد(قدس سره) بأنه يتزعّم تنظيماً مناوئاً للنظام، ووعدوا الشاهد بالإفراج عنه إذا ما قام بهذه المهمة، أو الإعدام إذا لم يدل ر بشهادته ضدّ الشهيد(قدس سره).

وبعد أن أدلى بشهادته المفروضة عليه، جاء إلى الشهيد(قدس سره) طالباً العفو عنه; لأنه لم يطق التعذيب، فسامحه الشهيد(قدس سره) وعفا عنه ودعا له بالمغفرة وخاطبه قائلاً: إنني سأُعدم سواء أدليت بشهادتك أم لا.

وفي صباح ذلك اليوم – الجمعة – خرج الشهيد(قدس سره) وهو يمشي بخطىً متّئدة وبعزيمة المؤمنين الذين يرون في إعدامهم السعادة الأبدية والفوز برضوان الله تعالى، خرج(قدس سره) رافع الرأس غير مكترث، وكنّا نتصوّر أنه(قدس سره)خرج من السجن وأُفرج عنه لكنّه ظهر في ما بعد أنه اقتيد إلى ساحة الإعدام.

وبعد إعدامه في شهر رمضان ١٤٠٢ هـ ١٩٨٢ م مثّل أزلام النظام بجسده الطاهر وكسروا جمجمته وشوّهوا معالم وجهه. ولم يكتفوا بما مارسوه معه من التعذيب حال حياته.

وأشار هذا المعتقل إلى أن الذي أدلى بشهاته ضدّ الشهيد(قدس سره) أعدم بعده وفي نفس اليوم.

 

 

تسليم الجسد الطاهر

في اليوم الخامس أو السادس من شهر رمضان المبارك، وكانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة ظهراً، جاء جلاوزة الطاغية العفلقي إلى دار الشهيد(قدس سره) في النجف الأشرف في حيّ الحنّانة، وطرقوا الباب بقوّة ففزعت العائلة وأقبل أحدأنجال الشهيد(قدس سره)بحذر وسأل عن هويّة الطارق؟

قال أحدهم: تهيّاؤوا غداً لأجل الذهاب إلى بغداد لاستلام جسد أبيكم، فتعالى من داخل دار الشهيد(قدس سره) صراخ الأطفال والنساء، فعمد على أثر ذلك أزلام النظام إلى تهديدهم بحرق الدار.

وفي الصباح الباكر خرج السيّد عليّ الهادي واستأجر سيارة لنقلهم إلى الطبّ العدلي لاستلام الجثمان الطاهر وكان الجسد مشوّهاً من كثرة التعذيب والتنكيل الذي استمرّ تسعة أشهر تعرّض خلالها الشهيد(قدس سره)إلى أبشع أنواع التعذيب الجسدي والروحي، وكان آيةً الثبات والصمود كأجداده الطاهرين(عليه السلام)مع ما كان يلاقيه من وحشية شرسة من قبل أزلام النظام الإلحادي، فكان يبثّ في المعتقلين روح العزيمة والصبر، ويذكّرهم بالأئمة الأطهار(عليهم السلام) وسيّد الأحرار الإمام الحسين(عليه السلام) وما لاقوه من حكّام الجور. فكان بلسماً لجروحهم. وهناك روايات رائعة عن مواقفه المشرّفة في سجون بغداد سنذكرها بأقلام رواتها.

وهكذا واصل الشهيد الجلالي(قدس سره) جهاده ونضاله وإرشاده حتى في قعر السجون الحالكة. وفي أحد أيام الجمعة لبى نداء ربه الكريم، وعرجت روحه الطاهرة إلى جنان الخلد (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً) (ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً)[١].

 

 

دفن الجسد الطاهر

بعد استلام الجسد الطاهر طلب من العائلة نقله إلى وادي السلام في النجف الأشرف ليدفن هناك فوراً بدون إخبار أحد، ولازمهم بعض الجلاوزة الذين جاءوا من بغداد للرقابة والتهديد، ولما وصلوا وادي السلام كان في انتظارهم عملاء آخرون.

اُدخل الجسد الطاهر إلى المغتسل بعد أن أمر جلاوزة النظام بإخراج جثث الموتى من المغتسل فتمّ تغسيل الجسد الطاهر بصعوبة بالغة كما أخبر بذلك المغسّل لما كان عليه من آثار التعذيب، وكان التغسيل بحضور جلاوزة النظام، ثم أحضروا النجل الأصغر للإمام الخوئي(قدس سره)وهو السيّد إبراهيم (صهر الشهيد) ليدخل إلى داخل المغتسل، ويتأكّد من أن الجثمان الطاهر هو للشهيد إذ أنه كان مشوهاً.

وصلى عليه حجة الإسلام والمسلمين السيّد محمّد تقي الخوئي(قدس سره) مع عدد قليل من رجال العلم في النجف الأشرف، منهم الشهيد السيّد محسن الميلاني، والسيّد مجيد الخوئي، وصهر الشهيد السيّد إبراهيم الخوئي، وأنجال الشهيد(قدس سره).

وقد طلب السيّد محمّد تقي الخوئي بإلحاح من جلاوزة النظام بأن يسمحوا للجسد بزيارة المرقد الطاهر للإمام عليّ(عليه السلام) فرفضوا ذلك، فنقل الجسد إلى وادي السلام، وأودع الثرى هناك.

وكان لاستشهاده(قدس سره) أثر بالغ في النفوس خصوصاً أهل العلم وطلابه، وقد عمَّ الأوساط العلميّة باستشهاده جوٌ من الحزن والأسى والرعب.

وباستشهاده(قدس سره) فقدت الأمة الإسلامية، والحوزة العلميّة علماً من أعلامها، ورمزاً من رموزها، وطوداً شامخاً من رجالها، ومجاهداً صلباً في ذات الله، ومرشداً هادياً إلى سبيل الحقّ والفضيلة.

وخسرت مدينة ناحية القاسم(عليه السلام) أباً رحيماً لم يتوان عن تقديم الخدمات الجليلة لهم، وكان معهم في أفراحهم وأحزانهم، وغابت تلك الطلعة البهية وذلك الوجه المنير، غاب ذلك المحيّا الطلق الذي لم يؤطر حياته لفئة معينة، غاب من كان يعشق الشهادة، ويطلب من الذاهبين لأداء فريضة الحج عند استلام الحجر وزيارة قبر الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعوا له بالشهادة على يدّ شرّ خلقه.

ولأنها دعوة خالصة من أعماق قلب لم يشبْها الرياء وحبّ الدنيا، دعوة من روح لم تستملها وعود الطغاة ولاوعيدهم ولا إغراآتهم، لذا استجابت لربها ولبّت نداءه في أيام الله الشريفة.

لقد قدّر الله تعالى لهذا العالم المجاهد أن يبقى خالداً بحياته المشرفة، تلك الحياة التي كانت سلسلة طويلة من العلم والعمل والإرشاد والتضحية. تلك الحياة الكريمة التي بدأها بالسعي، وأدامها بالجهاد، وختمها بالشهادة. فرحمك الله يا أبا الهادي; فإن جسمك النحيف الضعيف وجسدك المرهق المتعب ما كان ليتحمل هذه الروح العالية الكبيرة العظيمة، فأجبتدعوة ربّك لتتشرف بمحضر أجدادك في جنة الخلد.والسلام عليك أيّها العبد الصالح المطيع لله ولرسوله والأئمة الأطهار(عليهم السلام) يوم ولدتَ تقياً، ويوم استشهدتَ مجاهداً في سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض، ويوم تبعثُ حيّاً لتقف إلى جنب جدّك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيّه أمير المؤمنين(عليه السلام) وسبطه الشهيد وباقي الأئمة الأطهار(عليه السلام)وهنالك يخسر المبطلون(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين).


[١]- النساء / ٦٩.

الصلاة القادمة بتوقیت النجف الاشرف

اتصل بنا

إذا كنت مهتمًا بالاتصال بنا ، فيمكنك الاختيار من النموذج أدناه وطرح سؤالك.
يمكنك أيضا الاتصال بأرقام الاتصال المدرجة.
  • عنوان المکتب
    العراق ، النجف الاشرف، شارع الامام زين العابدين عليه السلام، خلف فندق قصر الدر، زقاق صفوة، حسينيه الشهيد الجلالي
  • الهاتف والفاكس
    989128539097+ - 989356642749+